أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الفرح
السنة 2014
«فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحًا» (لو19: 6)
كلما زاد بجيبي المالُ والجيبُ اتسّعْ
كلما بالمالِ قد زاد الوَلعْ
وكذا ازدَدْتُ له جوعًا وجانبني الشِبَعْ
إنّ حبَ المالِ أصلٌ لينابيعَ الشرورْ
فلذا قد جاز معْه الظلمُ يوْمًا بعد يومْ
جاز إسكاتُ الضميرْ
حتى أنّي رغم ما أظهرتُ من شرِّ كثيرْ
فوشيتُ وظلمتُ واستبحتُ مالَ قوْم
ما تكدّر قطُّ مائي أو جفا عينيّ نومْ

*****

غير أني ما سعدتُ بمالي أو ذقتُ الهنا
ذا لأنّ المالَ يملأُ جيبَ سروالي غِنى
ثم يُخلي قلبي قسرًا سالبًا منه السرورْ
بل وينتزعُ أزاهيري ويقتلعُ الجذورْ
فخلا بُستاني من عِطرِ المحبةِ والمشاعرْ
صار قفرًا ... صار خِلْوًا كالمقابرْ
بل وضنّت روضتي برحيقِ وردة
لا حبيبَ لي يعاهدُني ولا ينقضُ عهدَه
نفرَ الكلُ وولّوا وتبقّى المالُ وحدَه
صرتُ كالهالكِ جوعًا وكنوزُ المالِ عِندَه
فبسطتُ الكفّ أستجدي قليلا من مودّة

*****

ذات يوْم
هزّت الضوضاءُ أرجاءَ المدينة
وانتفتْ عنها السكينة
فسألتُ وأجاب بعضُ قوْم
إنه الربُ يسوعُ، فاقبَع اليومَ ببيتِكْ
أنت لا شأنَ لك إلا بما يحملُ جيبُكْ

*****

نشبتْ في قلبي نارٌ أن أرى الربَ يسوعْ
فركضتُ لاهثًا والقلبُ يستبقُ الضلوعْ
ما نهاني عن مُرادي هزءُ قومٍ ساخرينْ
أو ثناني قِصَرُ القامةَ أو طولُ السنينْ
فاعتليتُ قمةَ الجُمّيزةِ
كي أنالَ بُغيتي
بُغيتي أنّي أراه مَن هو
كان ذا جُلَّ طموحي ومُرادي
فتوارتْ كبريائي وتلاشتْ كالرمادِ
إذ نسيتُ كلَّ شيءٍ في حُمّوِ رغبتيِ
أحرقَ الكلَّ لهيبُ لهفتي

*****

فجأةً
جاء صوتُ السيّدِ عالٍ يقولْ
هيا يا زكا وأسرعْ بالنزولْ
إنني لا بد أن أمكثَ ذا اليومَ ببيتِكْ
فنزلتُ ... غير أنّي لم أصدّق أذنيّ
سيدي هل هذا صوتُكْ؟!
هل تناديني وهل تأتي إليّ؟!
تمكثُ اليومَ ببيتي وهْو عُنوانُ الرداءة
ومثالُ الظلمِ والجوْرِ وألوانِ الإساءة؟
يا لها من نعمةٍ لا أستطيعُ حَدَّها
ولذا سوف أردُّ فضلَها
نصفَ أموالي وهبتُ بسرورْ
للمساكينَ وللعاني الفقيرْ
وإذا كنتُ ظلمتُ أو وشيتْ
سأردّ ما ظلمتُ به وجُرْتْ
ليس ضعفانِ ولكن أربعةْ
هذا درسُ النعمةِ فيما رأيتُ واختبرتْ
إنما نعمةُ ربي رائعةْ
ملأتْ قلبي سرورًا دائما
وأنارتْ دربي حين كان دربي مظلما
مثلُ شمسٍ في سمائي ساطعة
ملأتْ أرجاءَ بيتي فرحًا لا يوصفُ
وابتهاجًا لم يكن يومًا بقلبي يُعرفُ
ومن الأفراحِ سوف أبقى طول عُمري أغرِفُ
فيبي فارس